Do you thik that these are the best solution?


محددات الدبلوماسية المغربية اتجاه افريقيا


مقدمة:
يتوفر المغرب على موقع استراتيجي ويؤمن إيمانا قويا بتوجهات النمو في إفريقيا التي تزخر بأراضي
 متنوعة وموارد بشرية واعدة،ولكن أيضا بتراث ثقافي ضارب في القدم حيث لا يمكن لتدبير جيد وتنمية
 مستدامة إلا أن يساهما تدريجيا في تقدم نبيل.وقد أعلن الملك محمد السادس أثناء الخطاب الذي ألقاه
خلال القمة حول أهداف الألفية للتنمية،عن انخراط المغرب في تعزيز شراكة ملموسة وخلاقة للتعاون
 جنوب-جنوب وخاصة مع الدول الإفريقية الشقيقة.[1]ويمكن تفسير هذا الاختيار بسبب الروابط الثقافية
وهوية الانتماء التي تربط المغرب بالقارة الأفريقية،وقد أعلن المرحوم الملك الحسن الثاني أن المغرب
شجرة تمتد جذورها في إفريقيا وتتنفس بأوراقها من أوروبا.كما دعم المغرب تاريخيا مسار وحدة
واستقلال الدول الإفريقية،وكان أحد مؤسسي منظمة الوحدة الإفريقية.   
وإذا كان من مقتضيات الانتماء الإفريقي للمغرب تبني قضايا القارة على مختلف الأصعدة،فبالنظر لموقع
 المغرب المتميز ومكانته الجيوستراتيجية والإرث التاريخي تمتعه بثقافة متنوعة ونظام معتدل،
والإمكانات التي يتوفر عليها المغرب،فإن ذلك كله يفرض على الدبلوماسية المغربية بذل جهود مضاعفة
 في سبيل تأكيد الحضور الفعال والأداء الدبلوماسي المتميز،لتحقيق مكاسب تخدم مصالحه وقضاياه
وتأكيد الدور الإيجابي له على المستوى القاري وتوجيه دبلوماسيته إلى حسن استثمار خصوصيته
باعتبار نموذجا حيا للتسامح والاعتدال والتعايش الدولي.                                     
   فإلى أي حد ساهمت هذه العوامل في تقوية الحضور المغربي على الساحة الإفريقية؟ 
وللإجابة على هذه الإشكالية سنطرح التساؤلات التالية:  
كيف عمل المغرب على تطوير علاقاته الاقتصادية مع الدول الإفريقية للحفاظ على المصالح الحيوية في ظل المنافسة الدولية على المراد الإفريقية؟ وهل يمكن الاستغناء عن المنظومة الإفريقية الشاملة السياسية  (الاتحاد الإفريقي) والتعويض بمنظمات أخرى (تجمع دول الساحل والصحراء)؟         
       واعتمدنا في تحليلنا لهذا الموضوع على المنهج التاريخي من خلال جرد مجموعة من الوقائع
 التاريخية،وعلى المنهج التحليلي. 
ولتناول الموضوع سنقسمه على الشكل التالي:      
                                                           المبحث الأول:المحددات التاريخية والجغرافية والدينية والثقافي لدبلوماسية المغرب الإفريقية:             المطلب الأول:المحدد التاريخي والجغرافي                                                                     المطلب الثاني:المحدد الديني والثقافي                                                                           المبحث الثاني:المحددات الاقتصادية والسياسية والأمنية للعلاقات المغربية الإفريقية:                       المطلب الأول:المحدد الاقتصادي                                                                                المطلب الثاني:المحدد السياسي والأمني

المبحث الأول:المحددات التاريخي والجغرافي والديني والثقافي لدبلوماسية المغرب:
المطلب الأول:المحددين التاريخي والجغرافي:
يعتبر المحدد التاريخي والجغرافي من أهم المحددات البارزة والهامة في رسم معالم السياسة الخارجية
 المغربي فالإرث الحضاري والزمان التاريخي عميق جدا،ويعد المغرب إحدى أعرق دول العالم
المتجدرة في التاريخ فتاريخه يمتد كأمة وكدولة وكحضارة إلى القرن الثامن عشر الميلادي.وشهدت
العلاقات المغربية الإفريقية طوال فترات تاريخية ازدهارا كبيرل،فلطالما لعب المغرب دور الوساطة
التجارية بين ما كان يسمى بلاد السودان وأوروبا،ونشطت من تم العلاقات التجارية بين المغرب وعمقه
 الإفريقي وهي علاقات تمتد إلى قرون عديدة من البناء التاريخي المشترك بين المغرب ودول غرب
 إفريقيا.[2]ووفقا لذلك انبثقت عنها ثوابت ترسخت عبر الممارسة باعتماد دبلوماسية منفتحة غير
منحازة،وربط علاقات ودية وسلمية على أساس المبادئ والقواعد التي تقوم عليها العلاقات دون أن
تخرج عن الصبغة المغربية الأصيلة نظرا لخضوعها للخصائص التقليدية والتاريخية والسياسية
والاجتماعية التي تنبثق من التاريخ المغربي. 
وأما المحدد الجغرافي فيخضع للمقولة التي تقول "الشيء الأساسي في التاريخ الذي لا يتغير هو الموقع
 الجغرافي" و "جغرافية  البلد تملي عليه سياسته"[3].فالمغرب لم موقع متميز بواجهتين بحريتين وهو البلد
 الإفريقي الوحيد التي يتوفر على ثلاثة أبعاد مختلفة متوسطي وأطلسي وصحراوي ما يؤكد عمقه
وانتمائه الأفريقي.                    
فبحكم موقعه الجغرافي نهج المغرب سياسة خارجية منفتحة قائمة على التعاون مع الشعوب
الأخرى،ويقول الملك الراحل الحسن الثاني:"من أجل ما للمغرب من مؤهلات وما له من موقع
جغرافي،وماله من تقاليد تاريخية فإن بلاد كانت وما تزال بلادا منفتحة على العالم تكره العزلة وتأبى
 الانطواء على النفس،وهكذا أدركنا منذ الزمن البعيد ما يمكن أن يعود إلى المغرب من عوائد بفضل
تعاون واسع يحترم(...)سيادتنا واختياراتنا الإسلامية وحرية قرارنا المطلقة (...)"[4].
ولذلك سمح الموقع الجغرافي للمغرب في مختلف مراحل تاريخه بتوسيع وترسيخ نفوذه في القارة
 الإفريقية،حيث كان المغرب الرابط بين الإسلام وإفريقيا السوداء عبر أدائه دور تبليغ الشريعة المحمدية
 وتنميتها وشرحها بالمدارس والمساجد وبالوعظ من خلال ثلة من العلماء والأساتذة.[5] 
وعليه فإن هذا الموقع الاستراتيجي حكم على المغرب بنهج هذه السياسة،ويقول الملك الراحل الحسن
 الثاني في هذا الصدد:"..إن هذا البلد العظيم،كان على امتداد تاريخه بلد انفتاح،يأخذ ويعطي ويتفاعل
تأثرا وتأثيرا لصنع حضارة الإنسان،متخطيا لانفتاحه الحدود والحواجز،حدود المكان حواجز الزمان.."
وبرئاسته لمجلس الأمن في يناير 2012 حدد المغرب وأضفى طابعا رسميا على التزاماته القارية
وإرادته في تمثيل المصالح الإفريقية والدفاع عنها،ويمكن لذلك بناء استراتيجية تأثير حقيقية داخل
المنظمات الدولية حتى تتكلم إفريقيا بصوت واحد إضافة ألى أن المغرب يعمل من أجل استراتيجية
إفريقية لمقاربة إقليمية على شكل تكتلات ووضع تصور لهندسة دبلوماسية أكثر استراتيجية بالنسبة
لحاجيات وموارد كل دولة أو إقليم من أجل تعاون أكثر فعالية وكفاءة.[6]
المطلب الثاني:المحدد الثقافي والديني:
يحظى الجانب الثقافي بمكانة محورية في توجهات السياسية الخارجية المغربية نحو إفريقيا،وذلك نظرا
للتميز الحضاري والتماسك الداخلي بين مختلف مقومات ومكونات الهوية الثقافية المغربية،التي اكتسبت
مع مرور الزمن والوقت قوة ومناعة كبرى بفعل التعايش والتسامح الذي يميز المجتمع المغربي
ومكوناته على اختلاف انتماءاتها.
وأصبح للعامل الثقافي دور أساسي في المرحلة الراهنة باعتبار أداة للتقرب والحوار والتفاهم بين
الشعوب والحضارات،كما أن الذهنية المغربية طبعت ببعض السمات فهي معتدلة ومنفتحة على
الآخر،بالإضافة إلى أنها عقلية تحب التسامح وتحترم تقاليد وعادات الآخر.[7]
كما يعتبر المكون الثقافي أحد أهم أبعاد التعاون الناجح جنوب-جنوب بين المغرب وإفريقيا،ولذلك
 احتضن المغرب العديد من المهرجانات الوطنية ذات المكون الإفريقي،كمهرجان فاس للموسيقى
الروحية ومهرجان الرباط للموسيقى الإفريقية،كما ينظم المغرب الأسابيع الثقافية المغربية في بعض
الدول الإفريقية وآخرها الأسبوع الذي انعقد في السنغال سنة 2011.[8]
ويعتبر المحدد الديني والروحي بالإضافة إلى القرب الجغرافي والذاكرة التاريخية المشتركة العناصر
التي كانت دوما ترتكز عليه الدبلوماسية المغربية،أمر ليس بالجديد من خلال الدبلوماسية الروحية أو
دبلوماسية الزوايا باعتبارها نموذجا من نماذج تقوية الحضور المغربي بالقارة الإفريقية.[9]
لكن يبدو أن المغرب يوجد في موقع متميز مقارنة بالجزائر وارتباطه الديني ببعض الشعوب الإفريقية
 وببعض الزوايا الدينية التي تملك تأثيرا على صناع القرار السياسي الإفريقي،فلا تزال العديد من
المكونات الصوفية تدين بالولاء للمغرب رغم المنافسة المغربية-الجزائرية في هذا المجال.وتجدر
الإشارة في هذا الصدد أن المغرب اعتمد منذ الاستقلال على دبلوماسية روحية ثابتة بدول غرب إفريقيا
 المتجذرة عبر التاريخ،ما جعل الدبلوماسية المغربية تسعى إلى الاعتماد عليه باعتباره محددا من
محددات العلاقات المغربية بدول إفريقيا،بالإضافة إلى روابط الصداقة والتعاون والثقة بين الشعوب
خاصة مع دول غرب إفريقيا التي تربطها بالمغرب روابط روحية قديمة وهو ما يدل على اهتمام أو
توظيف المغرب لهذا النفوذ،وهو ما جاء في خطاب الملك محمد السادس الذي قال:"....وقد دبلوماسيتنا
كي تعمل على حسن استثمار نفوذها الروحي".وقد اعاد المغرب في عهد الملك محمد السادس صياغة
علاقته بالتيجانيين وبطريقتهم نظرا للدور الديني والدبلوماسي الذي تلعبه هذه الطريقة في خدمة المصالح
الوطنية وعلى رأسها قضية الوحدة ومحاولة جعل هذه الزاوية كقناة دبلوماسية مع دول غرب إفريقيا.
فقد دعا المغرب إلى عقد الملتقى الثاني للمنتسبين للطريقة التيجانية بالعاصمة الروحية المغربية فاس،هذا
المهرجان يعد من بين أهم المهرجانات الروحية على المستوى العالمي من خلال الدور التاريخي الذي
تقوم به هذه الزاوية التيجانية،وقد صرح المدير العام لمنظمة اليونسكو سابقا السنغالي أمادو مختار إمبو
الذي يقول"...إن الطريقة التيجانية اضطلعت بدور جوهري في التقرب التاريخي بين المغرب
وإفريقيا،كما أن العلاقات بين المغرب وإفريقيا جد عريقة تعززت بفضل الطريقة التيجانية،التي تلعب
دورا في تعزيز الدبلوماسية الروحية بين الشعب المغربي والشعوب الإفريقية..."
وعليه فقد دعا الملك محمد السادس في العديد من خطبه إلى ضرورة التوظيف الجيد للنفوذ الروحي
للمملكة المغربية،وما يتطلبه هذا التوظيف من المزيد من الدعم المادي والمعنوي للطرق الصوفية
وخاصة الطريقة التيجانية التي أصبحت موضوع نزاع وتنافس بين المغرب والجزائر.[10]
المبحث الثاني:المحددات الاقتصادية والسياسية والأمنية للعلاقات المغربية الإفريقية:
بالرغم من أهمية تحكم المصلحة السياسية في العلاقات المغربية بدول إفريقيا جنوب الصحراء
يمكن القول بأن العامل الاقتصادي   على الرغم من محدودية تأثيره يظل أحد المحددات المتحكمة
أيضا في مسار السياسة المغربية الإفريقية
المطلب الأول:المحدد الاقتصادي:
فقد ازداد  دور العوامل الاقتصادية في السنوات الأخيرة  نظرا لازدياد تدخل الدول في العلاقات
الاقتصادية الخارجية  و من تم أصبحت  هذه العوامل  جزءا حيويا من السياسة الخارجة و تلعب
دور محدد في اختيارات السياسة الخارجية  على اعتبار أن تنفيذ معظم السياسات  يتطلب توفر
معظم المواد الاقتصادية كما تعد  تعبئة  تلك المواد أحد الأهداف الرئيسية للسياسات الخارجية في
 معظم الدول النامية  ، فقد أخذت ظاهرة الاهتمام بالعامل الاقتصادي بكل أبعاده التجارية
والاستثمارية تزداد في ظل تعاضم ظاهرة الاعتماد المتبادل و التجارة الحرة بين مختلف دول
 العالم و اخدت الجوانب الاقتصادية المختلفة تحتل مكانة بارزة في العلاقات الدولية الأمر الذي
 دفع الدول إلى تركيز اهتمامها من اجل حشد اكبر قدر ممكن الموارد لمواد لمواجهة المشكلات و
 الأزمات الاقتصادية و تحقيق التنمية لكل أبعادها المحلية و لم يعد خافيا ان استخدام السياسة
 الخارجية كأداة لتعبئة الموارد الداخلية و الخارجية و جلب الاستثمارات قد أصبح نموذجا
 ستخدمه صانع القرار في معظم الدول النامية حيث يقع على قادة هذه الدول مسؤولية الاختيار
بين بدائل القرارات في ضل موارد محدودة.
و من جهة أخرى فان استخدام السلاح الاقتصادي في العلاقات الدولية أصبح شائعا جدا حيث تقوم دولة
 ما باستخدام ورقة التبادل التجاري المالي للحصول على تنازلات سياسية من دولة أخرى.فالعامل
 الاقتصادي لا تؤثر في العلاقات الدولية إلى في علاقته مع العامل السياسي في ضل جدلية تأثير و تأثر
 تجعل كل عامل في خدمة الأخر
فقد بلغ حجم الاستثمارات المباشرة للشركات المغربية في الخارج 13.76 مليار درهم في سنة 2008،
 مقابل 10.31 مليار في 2007 ، أي بزيادة 33.4 في المائة، حسب تقرير صدر أخيرا عن مكتب
 الصرف المغربي.[11]
يأتي المغرب في المرتبة 20 على مستوى حجم الاستثمارات في إفريقيا بقيمة تناهز 400 مليون دولار
أمريكي،وتظل هذه النسبة ضعيفة جدا حيث تناهز 0.4 في المائة من الحجم الكلي للاستثمارات مقارنة
مع مناطق أخرى من قبيل الاتحاد الأوروبي والصين.
وقام المغرب بإلغاء ديون مجموعة من الدول الإفريقية،ووقع المغرب كذلك العديد من الاتفاقيات مع
الاتحاد النقدي لدول غرب إفريقيا والكوميسا،وهو ما كان يمكن له أن يشكل حافزا للشركات المغربية
والتي كان لها من الممكن الاستفادة منه بدل التوجه شمالا نحو أوروبا والذي كانت تعتريه صعوبات
كبيرة ومنافسة شديدة.وتراوحت المبادلات التجارية بين المغرب ودول إفريقيا جنوب الصحراء ما يناهز
400 مليون دولار،وهو ما يشكل فقط 2 في المائة من المبادلات التجارية المغربية مع الخارج.
فالنسبة لواردات المغرب من إفريقيا فهي حوالي 50 في المائة من مواد غذائية و46 في المائة من مواد
طاقية،في مقابل 54 في المائة من الصادرات الغذائية و15 في المائة من النسيج و18 في المائة من
الصادرات الكيماوية.فصادرات النسيج المغربي لا يمثل سوى 0.5 في المائة من واردات إفريقيا وحوالي
0.8 في المائة من إجمالي الصادرات،ولا تتجاوز المواد الكيماوية 0.2 في المائة من واردات القارة
الإفريقيى من المغرب والحال نفسه ينطبق على المغرب في ما يتعلق بصادرات المغرب الكيماوية التي
 تناهز فقط 1.6 في المائة من إجمالي الصادرات المغربية من إفريقيا.
ومن خلال الإحصائيات السالفة الذكر يتبين لنا أن الحضور المغربي على المستوى الإفريقي ما يزال
ضعيفا ليس مقارنة مع الدول الأخرى،لكن انطلاقا من المؤهلات التي تؤهله للعب دور طلائعي داخل
القارة الإفريقية وضرورة الاستفادة من الروابط المشتركة التي تجمعه بالقارة الإفريقية من أجل تعزيز
 الحضور الاقتصادي للمغرب بشكل أكبر داخل القارة الإفريقية.[12]
كما أن بنية الصادرات والواردات المغربية نحو إفريقيا تضل ضعيفة وغير متنوعة،ذلك لأنها تستهدف
 بعض القطاعات الاقتصادية في حين أن القارة الإفريقية شهدت تطورا كبيرا في مجالات مهمة
كالخدمات والاتصالات وهو ما يضع المغرب أمام تحد جديد سينتج عنه مجهود مضاعف وذلك من أجل
 تطوير البعد الاقتصادي بشكل كبير.
كما أن المقاولات المغربية لم تول الاهتمام الكافي للقارة الإفريقية مقابل إنتاجها على مقاس ومتطلبات
السوق الأوروبية،لكن هذه المقاولات وعت بضرورة التحول لهذه السوق التي تشكل ما يناهز 800
مليون نسمة من خلال حضور بعض فروعها داخل القارة الإفريقية من قبيل البنك الشعبي واتصالات
 المغرب.
وأخيرا فيتمثل التأثير الاقتصادي في السياسة المغربية اتجاه إفريقيا لم يعد دور الدبلوماسية الاقتصادية
 وتعبئة الموارد وتعزيز الحضور الاقتصادي فحسب بل أصبحت عاملا مهما للتأثير على عملية صناعة
 القرار السياسي في ظل التأثير المتبادل بين الاقتصادي و السياسي وعلى هذا الأساس، فإن المغرب
 راهن في سياسته الخارجية اتجاه إفريقيا جنوب الصحراء على العامل الاقتصادي ( استثمارات
 مساعدات ) في التأثير الدول الإفريقية ودفعها إلى اتخاذ مواقف مؤيدة للوحدة الترابية للمغرب، ويلاحظ
 أن التعامل الاقتصادي بين المغرب ودول إفريقيا يرتبط اطرادا بمواقف هذه الدول لقضية الصحراء كما
 أن الموقف من قضية الصحراء هو المحدد لدرجة التعامل الاقتصادي فإن هذا الأخير بدوره يشغل للتعبير الموقف السياسي.
كما أن استخدام السياسة الخارجية في بعدها الاقتصادي للتأثير على صنع القرار السياسي يدخل ضمن
 المشروطية السياسية بمعناها العام وهو أمر مشروع سواء من وجهة نظر القانون الدولي الذي لايحرمه
  سواء من وجهة نظر المصلحة الوطنية التي تبرزه.[13]
  
المطلب الثاني: المحددين السياسي والأمني:
تراجعت الدبلوماسية المغربية سياسيا بعد انسحاب المغرب من منظمة الوحدة الإفريقية،لتستغل الجزائر
هذه الظرفية وتنقض وتتحكم بالمحيط الإفريقي.[14]
لكن الدبلوماسية المغربية رغم ذلك لعبت دورا أساسيا ومحوريا في الأحداث الجارية في مالي،حيث
سارعت الخارجية المغربية لإدانة الانقلاب بشمال مالي يوم 22 مارس 2012،في إطار حرص الرباط
 على الدور المغربي من داخل تجمع دول الساحل والصحراء ودعوة المغرب الدولة المالية إلى الالتزام
 بمقتضيات الدستور واحترام المؤسسات المنتخبة في إطار مبدأ السيادة والوحدة الترابية بمالي.ودعم
المغرب في هذا الإطار قرار مجلس الأمن رقم 2056 الصادر يوم 3 يوليو 2012 في ظل العضوية
غير الدائمة للمغرب،وأكد محمد لوشينكي مندوب المغرب من داخل الأمم المتحدة على ضرورة الدفاع
عن مصالح الدولة المالية وضمان الاستقرار السياسي داخلها،دون تدخل عسكري مع إرسال مساعدات
إنسانية لفائدة النازحين بالنيجر وموريتانيا.كل ذلك عكس التخوفات المغربية من "صوملة مالي" ومن
التحالفات الظرفية للحركات الجهادية التابعة لتنظيم القاعدة في المغرب الإسلامي من قبيل حركة أنصار
الدين وأزواد وهو ما جاء على لسان كاتب الدولة المنتدب لدى وزارة الخارجية السيد يوسف العمراني.
ومع كل ما سبق نستنتج أن المغرب لم يتعامل بحزم مع الأزمة المالية من خلال ضعف التحركات
المغربية في هذا السياق،عكسته الدورة 67 من الجمعية العامة للأمم المتحدة ودعم مجلس الأمن للتحرك
الإقليمي المغربي من داخل تجمع دول الساحل والصحراء.[15]

ويمكن تحديد الجانب السياسي للعلاقات المغربية مع القارة الإفريقية من خلال التحركات المغربية لحل
وفض بعض النزاعات الجهوية من داخل القارة الإفريقية كالوساطة المغربية في أزمة نهر مانو بين
سيراليون والنيجر،مع غياب المغرب عن نزاع دارفور وانخفاض مستوى العلاقات السياسية بين
المغرب وساحل العاج،في مقابل حضور قوي للمغرب على مستوى قوات حفظ السلام الدولية من داخل
القارة الإفريقية.[16]
ونجد أنه من خلال التمثيل الدبلوماسي فالمغرب يتوفر على 23 تمثيلية دبلوماسية داخل إفريقية ما يمثل
تقريبا نصف الدول الإفريقية،وتبقى 8 دول هي من تعترف بجبهة البوليساريو ليست بالدول ذات التأثير
الدبلوماسي الكبير باستثناء الجزائر وجنوب إفريقيا.
ويمكن القول أن الدبلوماسية المغربية كانت دائما حاضرة في كل الدول التي شهدت انقلابات أو
نزاعات،لكن رغم ذلك فالحضور الغربي داخل القارة الإفريقية يضعف من الحضور الفعلي للدبلوماسية
 المغربية،ما حدث خلال الأزمة في ساحل العاج ولجوء الجالية المغربية للسفارة الفرنسية.[17]
كما أن الدبلوماسية الإعلامية ما زالت تحتاج إلى جهود أكبر من أجل أن تعكس صورة أفضل للمغرب
من داخل القارة الإفريقية،فالحضور الإعلامي للنشاطات الدبلوماسية المغربية داخل إفريقيا لا يتجاوز
الإطار البروتوكولي من استقبال وحضور المناسبات مع جهل الكثير من المثقفين عن الوضع الحقيقي
لقضية الصحراء المغربية،بالإضافة إلى أن بعض المناهج الدراسية والمنشورات والخرائط التي تصدر
 داخل هذه الدول تظهر المغرب من دون صحرائه.[18]
واحتلت قضية الصحراء المغربية مكانة مهمة ومتميزة ضمن أولويات السياسة الخارجية المغربية منذ
منتصف السبعينيات،وتميزت هذه السياسة بالاعتدال والانفتاح على مستوى العديد من المناسبات الإقليمية
في القارة الإفريقية وكذلك المناسبات الدولية.

وتعززت جهود المغرب على مستوى قضية الصحراء إثر تأكيد محكمة العدل الدولية على إثر إصدارها
لرأيها الاستشاري بتاريخ 16 أكتوبر 1975،على تأكيد حقوق المغرب على أقاليمه الجنوبية واعترافها
بوجود روابط قانونية (روابط بيعة) بين القبائل الصحراوية وسلاطين الروابط،لكن ما سبق لا يمكنه بأي
 حال من الأحوال أن يلغي القرار 1514 الصادر عن الجمعية العامة في دورتها 15.[19]
ونجد كذلك تعزيز المغرب لموقفه من خلال قرار مجلس الأمن رقم 1495 بتاريخ 31 يوليو 2003،
والذي دعا الأطراف للبحث عن حل سياسي تشاوري.[20]
كما لا يمكن نفي ما قام به المغرب دبلوماسيا في مواجهة الجزائر التي وقفت إلى جانب البوليساريو
دبلوماسيا وماليا وعسكريا،حيث راهن المغرب على الحوار واستئناف العلاقات الدبلوماسية المغربية
الجزائرية في مايو 1988 وما تلاها من انعقاد قمة تأسيس اتحاد المغرب العربي بمراكش بتاريخ 17
فبراير1989، لكن هذه العلاقات سرعان ما تلاشت تبعا للتطورات التي شهدتها قضية الصحراء
المغربية.














المراجع المعتمدة :
الكتب والمؤلفات:
+الحسان بوقنطار،"السياسة الخارجية المغربية الفاعلون والتفاعلات"،مطبعة بابل للطباعة والنشر الرباط،طبعة 2010
الأطاريح والرسائل:
+ السعدية لدبس،الساسة الخارجية المغربية على عهد الملك محمد السادس تغيير ام استمرارية؟، بحث لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة،جامعة محمد الخامس،كلية سلا،2007/2006.
+سعيد الصديقي،"صنع السياسة الخارجية المغربية"، أطروحة لنيل الدكتواره في القانون العام،جامعة محمد الأول كلية الحقوق وجدة ،السنة الجامعية
+ عادل الموساوي،"علاقة المغرب بإفريقيا جنوب الصحراء يعد انتهاء القطبية الثنائية"،أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون العام،جامعة محمد الخامس أكدل السنة الدراسية 2002-2003.
+المقالات:
+ ذ.محمد بنحمو،"شعار بوتفليقة كل ما يضر المغرب ينفع الجزائر"،جريدة الوطن الآن العدد 368 مايو 2010.
+ حياة زلماط،"الدبلوماسية الروحية رهان جديد نحو إفريقيا"،مجلة شؤون استراتيجية،العدد السابع أكتوبر/دجنبر 2012، ص 47-49.
+ رشيد الجبوري ،"نحو سياسة خارجية مغربية إفريقية"،جريدة المساء يوم 07-01-2011.
+ أحمد صلحي،"تحركات الدبلوماسية المغربية لاحتواء أزمة مالي"،منتدى الأحداث 5 دجنبر 2012.
+المنشورات:
+ مونية سيلغوة،"المغرب والفضاء الإفريقي"،الدليل المغربي للاستراتيجية والعلاقات الدولية،كتاب جماعي صادر عن المركز المغربي متعدد التخصصات للدراسات الاسترتيجية والدولية،دار النشر لارمتان 2012.
+التقارير:
+ مكتب الصرف،تقرير وضع الاستثمار الدولي بالمغرب سنة 2008.
+المواقع الالكترونية:
+ علي أسندال،"الحضور المغربي بين الامتداد والتراجع"،جريدة مغربنا الإلكترونية 15-03-2010،على الموقع:
+ عبد الفتاح البلعمتسي،"السياسة الخارجية المغربية-تأملات ومساءلات،مقال منشور على الموقع الالكتروني:



 مونية سيلغوة،"المغرب والفضاء الإفريقي"،الدليل المغربي للاستراتيجية والعلاقات الدولية،كتاب جماعي صادر عن المركز المغربي متعدد التخصصات للدراسات الاسترتيجية والدولية،دار النشر لارمتان 2012 ص 143[1]
 عبد الفتاح البلعمتسي،"السياسة الخارجية المغربية-تأملات ومساءلات،مقال منشور على الموقع الالكتروني:
www.alhewar.org/debat/show.art.asp!aid=84104[2]
ذ.محمد بنحمو،"شعار بوتفليقة كل ما يضر المغرب ينفع الجزائر"،جريدة الوطن الآن العدد 368 مايو 2010.[3]
سعيد الصديقي،"صنع السياسة الخارجية المغربية"،أطروحة لنيل الدكتواره في القانون العام،جامعة محمد الأول كلية الحقوق وجدة 2002،ص264[4]
سعيد الصديقي،"صنع السياسة الخارجية المغربية"،مرجع سابق،ص 265[5]
مونية سيلغوة،"المغرب والفضاء الإفريقي"،الدليل المغربي للعلاقات الدولية والاستراتيجية 2012،مرجع سابق،ص 152[6]
ذ.محمد بنحمو،"شعار بوتفليقة:"كل ما يضر المغرب ينفع الجزائر"،جريدة الوطن الآن،العدد 368 مايو 2010[7]
 مونية سيلغوة،"المغرب والفضاء الإفريقي"،الدليل المغربي للعلاقات الدولية والاستراتيجية 2012،مرجع سابق،ص 152[8]
عادل الموساوي،"علاقة المغرب بإفريقيا جنوب الصحراء يعد انتهاء القطبية الثنائية"،أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون العام،جامعة محمد الخامس أكدل السنة الدراسية 2002-2003 ص 78[9]
حياة زلماط،"الدبلوماسية الروحية رهان جديد نحو إفريقيا"،مجلة شؤون استراتيجية،العدد السابع أكتوبر/دجنبر 2012، ص 47-49[10]
مكتب الصرف،تقرير وضع الاستثمار الدولي بالمغرب سنة 2008[11]
علي أسندال،"الحضور المغربي بين الامتداد والتراجع"،جريدة مغربنا الإلكترونية 15-03-2010،على الموقع:
السعدية لدبس،الساسة الخارجية المغربية على عهد الملك محمد السادس تغيير ام استمرارية؟، بحث لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة،جامعة محمد الخامس،كلية سلا،2007/2006. ص 31-35-[13]
مقال للأستاذ الباحث رشيد الجبوري تحت عنوان،"نحو سياسة خارجية مغربية إفريقية"،جريدة المساء يوم 07-01-2011.[14]
أحمد صلحي،"تحركات الدبلوماسية المغربية لاحتواء أزمة مالي"،منتدى الأحداث 5 دجنبر 2012.[15]
مقال للأستاذ الباحث رشيد الجبوري تحت عنوان،"نحو سياسة خارجية مغربية إفريقية"،جريدة المساء يوم 07-01-2011.[16]
"الحضور الإفريقي المغربي بين الامتداد والتراجع"،جريدة مغربنا الإلكترونية 15 مارس 2010 على الموقع :
 "الحضور الإفريقي المغربي بين الامتداد والتراجع"،جريدة مغربنا الإلكترونية 15 مارس 2010،مرجع سابق[18]
الحسان بوقنطار،"السياسة الخارجية المغربية الفاعلون والتفاعلات"،مطبعة بابل للطباعة والنشر طبعة 2010،ص 59[19]
جاء في احد تصريحات الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة:"وجود الأمم المتحدة في الصحراء أن يتحول بسبب ما اعتبره المغرب لعملية سلام إلى مجرد عملية لمراقبة "الاحتلال الاستيطاني" "[20]

No comments:

Post a Comment